مقالات واراء

تباهي.. بلطجة.. نهايات مؤلمة

احجز مساحتك الاعلانية

بقلم – علاء الدرديري

يعد إنتشار السلاح من الظواهر المميزة للمجتمعات القروية في صعيد مصر، فلا يكاد يخلو منزل من وجود السلاح معظمه غير قانوني، ويرجع ذلك إلي طبيعة هذا المجتمع الذي يسيطر عليه التنافس بين العائلات، بالاضافة إلي قضايا الثأر التي لا تزال تسيطر علي تلك المجتمعات.

وظهرت خلال السنوات الاخيرة بوادر خطيرة في سلوك المراهقين والشباب، وهي عدوي التباهي والتفاخر بحمل السلاح في الاعراس والحفلات، بالإضافة إلي كثرة المشاغبات والمشاجرات ألتي تستخدم فيها الاسلحة البيضاء والنارية في الاماكن العامة، وينتج عنها إصابات بالغة بعضها يؤدي إلي الوفاة.

إلي جانب اعمال البلطجة والسرقة بالاكراه، والاستيلاء علي الاموال حتي ولو بنزع الارواح، ورجال الامن الذين يتعرضون لإعتداءات نتيجة تجاوز الخارجين علي القانون في استخدام السلاح، وقدرتهم علي تصنيع اسلحة محلية الصنع بابسط الامكانيات.

وكثير ما نسمع ونقرآ كل يوم في وسائل الاعلام المختلفة اخباراً مؤلمة كثيرة لمشاجرات كانت بدايتها تفاهات وسوء تفاهم لتنطلق إلي مواجهات إستفزازية أو لفظية، لتتطور إلي مشاجرات دموية يلجأ فيها الاطراف إلي حد إشهار السلاح الذي يصل إلي القتل، بالإضافة إلي من يقومون بإشعال نار الفتنة وتضخيم الامور بين الناس لإرضاء مصالحهم الشخصية والانانية، وبعدها يندم القاتل أشد الندم ويدخل نفسه وأسرته في سلسلة من المشاكل تكون نهايتها القصاص منه او من أحد أفراد عائلته، أو عفوا ولي الدم الذي لا يتأتي إلا بشق الانفس وبدفع مبالغ كبيرة جداً.

ولو قمنا بمقارنة بين فئات الشباب في الماضي وبين فئات الشباب الحاليين لوجدنا ان اسباب حمل السلاح في الماضي كانت لاسباب حقيقية تتعلق بقضايا الثأر والمنازعات علي الاراضي، أما حمل السلاح لدي فئة الشباب الحالي مرتبط بقضايا الطيش ونزعة الرجولة لديهم، وطموحهم الجامح الذي يدفعهم إلى اقتناء أشياء تشعرهم بالتفاخر والزهو رغم علمهم بخطورتها على حياتهم ومستقبلهم، مع ذلك يصرون على حمل السلاح حيث أصبح بالنسبة لبعضهم كموضة يتباهى بها، والبعض الآخر كعادة يقلدون بها أباءهم وآخرون ليعطيهم الإحساس بالرجولة والكمال، وعند البعض هيبة أمام الناس وتفاخراً بأن فلان من الشباب لديه سلاح نوعه كذا وقيمته كذا، وآخرون يحملونه لترويع الناس وترهيبهم في الطرقات.

والمزاح بين الشباب بالأسلحة “البيضاء والنارية” أدي الي حدوث الكثير من الضحايا، وكانت سبباً سهلاً في إراقة الدماء حتي شملت “الاخوة والاقارب والاصدقاء” نتيجة جهلهم بعواقب المزح بالاسلحة.

فحمل السلاح يعد ظاهرة غير حضارية في زمن سادت فيه القوانين وحكم مؤسسات الدولة، التي ترعي الجميع ويستظل في ظلها البشر بشكل متساوي، ويؤدي الي الشعور بعدم الامان والاطمئنان، لأن نعمة الأمن كانت أول دعوة أبينا الخليل إبراهيم عليه الصلاة والسلام كما جاء في القرآن الكريم (رَبِّ اجْعَلْ هَـَذَا بَلَداً آمِناً وارزق أهله من الثمرات)، فقدم نعمة الأمن علي نعمة الطعام والغذاء لعظمها وخطر زوالها، وهي منة الله علي هذه الامة المباركة قال تعالي (وَاذْكُرُوا إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ)، وقال عز وجل (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً ويتخطف الناس من حولهم).

والأمن والأمان قرينان لا يتحققان إلا بالإيمان قال تعالى (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون)، وإذا تخلى أبناء المجتمع عن دينهم وكفروا نعمة ربهم أحاطت بهم المخاوف، وانتشرت بينهم الجرائم، وانهدم جدار الأمن وادلهم ظلام الخوف والقلق وهذه هي سنة الله التي لا تتخلف في خلقه قال تعالى ( وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الخوف والجوع بما كانوا يصنعون).

وختاماً نحن في حاجة إلي مجتمع صحي وواع لكل ما يدور حوله من مخاطر حياتيه بسبب حمل السلاح، وعلي الاسرة أهمية متابعة تلك السلوكيات المنحرفة أو غير الاجتماعية، وعدم ترك احد أفرادها باستخدام بعض الأسلحة البيضاء أو النارية؛ لأن التساهل في ذلك سيعود بالضرر على الأسرة بأكملها، وبالتالي يجب أن يكون هناك تعاون بين رب الأسرة والجهات الأمنية من أجل الحد من تلك الظواهر وانتشارها بين أفراد المجتمع، وعلينا ان نحافظ علي الأمن بالعدل في كل جوانب الحياة، لانه متي تحقق العدل دام الأمن بإذن الله.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى